fbpx

قضية الأسرى الفلسطينيون ما بين الجدية والتسويف

 

بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو(4600) أسيرًا، وذلك حتّى نهاية شهر مايو/ أيار 2022، من بينهم (31) أسيرة، و (172) طفلاً، و (682) معتقلاً إداريا، و (500) أسير مريض، و(551) أسير يقضون حكماً بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى (214) أسيراً مضى على اعتقالهم 20 عاماً فأكثر وهؤلاء يُطلق عليهم “قدماء الأسرى”. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في الشهر أيار 2022 نحو 157 أمرًا من بينها 82 أمر جديد، و 75 أمر تمديد.

ظروف الأسرى في سجون الاحتلال

يعاني الأسرى الفلسطينيون ظروفاً استثنائية في سجون الاحتلال، بسبب تجاوزات الاحتلال اللاإنسانية في التعامل مع المعتقلين، لا يوجد رعاية صحية متوفرة لهم؛ وكل الآلام والأوجاع في سجون الاحتلال من الصداع وحتى أمراض السرطان علاجها الوحيد هو ” الأكامول” فقط،  اضافة لذلك إدارة السجون لا يوجد بها أطباء متخصصين لحالات الطوارئ،  يصرخ المعتقلين في سجون الاحتلال من آلام مبرحة دون استجابة لهم  في ظل غياب الفحوصات الطبية اللازمة، ناهيك عن المماطلة المتعمدة في العلاج للأسرى المعتقلين، نتج عن هذه السياسة المنهجية والإجرامية ضد الأسرى ارتقاء 229 شهيد، منذ عام 1967 حتى حزيران 2022, بالإضافة إلى مئات الأسرى الذين توفوا بعد خروجهم من السجن بسبب أمراض ورثوها من السجون بسبب سوء العناية والإهمال والطبي. 

تطلَعات وآمال  الأسرى الفلسطينيون بين جدِران السجون

كلّ أسير فلسطيني يدخل السجون الإسرائيلية يعتقد أن قضيته عادلة ودولية، سيلَاقى دفاعا شرس عنه، ويخرج صبيحة اليوم التالي، كونه البطل والمقاوم، لكن الواقع والضغوطات التي تَمارس على السلطة الوطنية الفلسطينية، أخرجت قضية الأحرار من يدها، وجعلت الأسير  الفلسطيني يقاوم ويحارب  لوحده داخل السجون، من خلال عمليات الإضراب المفتوح عن الطعام التي قد تصل إلى شهور طويلة،  كذلك يرفض الأسير التحقيق المستمر ضده, ويرفض أيضا تناول العلاج كأحد الوسائل الاحتجاج  بسبب الانتهاكات المستمرة ضده، إيمانا بقضيته العادلة.

رغم أن ملف الأسرى من أهم ملفات الحوار والتفاوض بين الجانبين  الفلسطيني، الإسرائيلي, إلا أن الأسرى شعروا من الخذلان، بعد تشكيل “حكومة التوافق” عام 2014، فكانت أول خطوة اتخذها الحكومة الجديدة هي إلغاء “وزارة الأسرى” وتحويلها إلى هيئة الأسرى والمحررين ، فتحولت الوزارة إلى جمعية أهلية لا ترتقي إلى نضالات الأسري وعظِم قضيتهم دوليا،  فكانت هذه  الخطوة هي التي  قسمت ظهر البعير.

إرادة أسير  تقاوم في ظل صمتٍ و تسويف

تقاعس السلطة بشكل جدي اتجاه المعتقلين الذين وصل عددهم بالآلاف، وخاصة المعتقلين منهم  إداريا دون تهمة واضحة ولا أسباب مقنعة، جعل الأسري يدافعون عن أنفسهم بأنفسهم من خلال التمرد على سياسة السجان لينال الحرية ويخرج من الأسر، عله يجد ضالته بالدفاع عن نفسه و يُلاقي تعاطفا دوليا على صعيد المؤسسات الحقوقية والدولية، وعبر منصات التواصل الاجتماعي التي تصل عبرها معاناة الأسري المعتقلين بشكل عام ،والمعتقلين إداريا  بشكل خاص، هناك نماذج خاضت اضرابا مفتوح عن الطعام حتى درجة الموت خاضوا ” معركة الامعاء الخاوية” منهم الأسير “هشام أبو هواش” الذي وصل اعتقاله ل103 يوم على التوالي وكاد أن يفقد بصره،  وتدهورت صحته لكن أخيراً نال حريته، هناك نماذج أخرى في الوقت الحالي مازالت تخوض ” معركة الأمعاء الخاوية” منهم المعتقل الإداري “خليل العواودة 40 عاما، من بلدة إذنا غرب الخليل، القابع في سجن الرملة  وصل ل 150 يوم على التوالي من الإضراب  رغم أن الاحتلال وعد بالإفراج عنه بعد 111 يوم من الإضراب  ونكث وعده معه،  وأعطته أربعة شهور أخرى، فعاد وأكمل اضرابه المفتوح عم الطعام حتى اللحظة.

كذلك الأسير رائد ريان 27 عاما  من بلدة من بيت دقو  بالقدس، واصل اضرابه المفتوح عن الطعام حتى 113 يوم ، بعد اتفاق يقضي بتحديد سقف اعتقاله الإداري  حيث أكد ” نادي الأسير الفلسطيني” أن المعتقل ريان سجّل انتصاراَ جديداً ، رغم الظروف الصحية الصعبة والخطيرة التي وصل إليها في سجن الرملة ، طبعا هذه نماذج حية اتخذت من إرادتها سلاح للمقاومة النفسية  والصحية، والعقلية ضد سياسة السجان.  

 دور السلطة في تغييب ومتابعة ملف الأسري

انضمت فلسطين إلى الاتفاقيات الدولية بما يكفل حركة تضامن دولي وإعلامي وقانوني، لمتابعة النضال من أجل تحرير الأسرى، والأسيرات، ومحاسبة ومقاطعة دولة الاحتلال لكن هذا الأمر يحتاج مساندة ودعم  جماعي ودولي، هنا دور  السلطة اتجاه ملف الأسرى خاصة بعد حصول فلسطين على عضو “مراقب” ، هذا من شأنه  أن يعزز دور السلطة في تبادل الأسرى في المحافل الدولية،  طبعا حكومات الاحتلال المتعاقبة كانت تأخذ اهالي الأسري ليعبروا عن شوقهم لأبنائهم المفقودين، بالوقت ذاته لن تقم السلطة بهذا الفعل من باب الضغط والمناصرة للأسرى الفلسطينيين وتحريرهم من سجون الاحتلال، لذا الأمر يتطلب جدية أكثر، واعتبارها  قضية  قصوى ،  لكن للأسف تغير مسار الحوار والمفاوضات وأصبح طرح قضايا الأسرى شكليا  وليس فعلاً ضاغطا على الجهات الرسمية  التي تعنى بحقوق الإنسان، وقضية الأسرى لأن قضيتهم انسانية، وعادلة، تحتاج برنامج وطني واستراتيجية نضالية، ورؤية وطنية وسياسة من توفير الحماية للأسرى الفلسطينيين.

 لدى أمام  التحديات تحتاج قضية الأسري لوضعها على سلم الأولويات بدلا من تغييبها لأن أحد أسس القضية الفلسطينية ، التي يجب أن تقرع الطبول باستمرار لنيل حقوق الأسرى الفلسطينيين في المحافل الدولية  وأمام المجتمع الدولي والإنساني .

 

 

 

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *