fbpx

نشرت صحيفة “فلسطين” تحقيقًا صحفيًا موسعًا وصفت فيه تحوّل السفارات التابعة للسلطة الفلسطينية إلى ما “معاقل أمنية و”بزنس خاص” وتهريب ممنوعات”.
وبُني التحقيق على الواقعة الأخيرة للسفارة الفلسطينية في باكستان، حين ضبطت السلطات الباكستانية تورّط تلك السفارة في استيراد شحنةً من المشروبات الكحولية.
ففي 11 يناير2023، ضبطت الجمارك الباكستانية حاوية خمور مهربة لحساب سفارة السلطة في الدولة الآسيوية، تحت غطاء “بضائع دبلوماسية”، وقد احتوت الشحنة على أكثر من 10 آلاف زجاجة من المشروب الكحولي وأكثر من 2000 زجاجة بيرة، فيما نفت السفارة صلتها بالحادثة.
وكانت تقارير باكستانية تحدثت عن استغلال سفير السلطة هناك أحمد ربعي للإعفاء الجمركي الخاص بالبعثات الدبلوماسية، في الإتجار باستيراد السيارات “والكسب الخاص” غير المشروع، وذلك في مخالفةٍ لوظيفته وخرقٍ للأعراف الدبلوماسية.
وبحسب التحقيق، فإن انتهاكات أخرى سابقة ارتكبتها سفارات السلطة في مختلف دول العالم، وانتهت باعتبار سفرائها “أشخاصًا غير مرغوب بهم” على أراضي الدول المضيفة.
ونقلت الصحيفة عن الخبير القانوني عصام عابدين أن تلك الفضائح في أداء السفارات والبعثات الفلسطينية في الخارج، أدى لاحتقار وانهيار الثقة بالدبلوماسية الفلسطينية عمومًا، في عيون الفلسطينيين والمتضامنين معنا”.
كما رصد التحقيق إعلان نيكاراغوا في يونيو الماضي، بأن سفير السلطة لديها محمد عمرو “شخص غير مرغوب فيه” على أراضيها، وقد وصل بالفعل إلى رام الله.
وقال دبلوماسي، في حديث لصحيفة “فلسطين”، فضل عدم ذكر اسمه: إن السفير “عمرو” اعتدى في 28 أبريل 2022 بالضرب على دبلوماسية تعمل في السفارة ودفعها بقوة.
وخلال البحث كشف معد التحقيق محاولة السفير ماجد هديب في موريتانيا عام 2020 بيع مبنى السفارة الذي منحته الدولة للشعب الفلسطيني بنصف مليون دولار.
كما رصد التحقيق حادثة السفير السلطة في إسبانيا موسى عودة، الذي ظهر في مقابلة تلفزيونية في مايو 2021 يتلعثم في الحديث باللغة الإسبانية، على الرغم من مرور 15 عامًا على عمله في السفارة دون معرفته لغة الدولة المبتعث إليها.
وخالف السفير “عودة” وزوجته هالة فريز التي شغلت منصب سفيرة في السويد بين العامين 2011 و2021، القانون الذي ينص على أن عمل السفير يكون مدة 4 سنوات، يجدد مرة واحدة مدة عام، وقد تسلمت رولا محيسن ابنة القيادي في حركة فتح الراحل جمال محيسن العمل بدلًا من “فريز” في مارس2022.
كما خالفت السلطة أصول العمل الدبلوماسي، حينما عينت رجل الأمن عبد الكريم الخطيب قنصلًا عامًا لها في إسطنبول، وذكر الدبلوماسي السابق ربحي حلوم أن “الخطيب” الذي توفي نهاية عام 2018، كان لا يفقه شيئًا في العمل الدبلوماسي ولا يحمل شهادة فيه، لكنه عُيّن لقربه من مستشار عباس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش.
وأشار حلوم إلى أن السفراء لا يلتزمون بأنظمة وقوانين الدول المضيفة، ففي غالب الأحيان يتحايلون عليها بالتسلح بالحصانة الدبلوماسية، وما توفره لهم من حماية وتسهيلات يستغلونها في غير وجهها الحقيقي.
ورأى أن بقاء السفير على رأس عمله أعوامًا طويلة في الدول المضيفة يؤكد وجود خلل في المنظومة ومخالفة القانون، مدللًا على ذلك بسفير السلطة في إيران صلاح الزواوي، وسفيرها السابق في ألمانيا عبد الله الإفرنجي، اللذان عملا أكثر من 40 عامًا، وسفيرها في المغرب وجيه قاسم الذي عمل 35 عامًا.
وأضاف حلوم أن ما يجري في منظومة السلطة الدبلوماسية يدلل على عدم احترام القوانين واللوائح، مرجعًا أسباب بقاء السفراء أعوامًا طويلة على رأس أعمالهم إلى موالاتهم عباس وحاشيته.
وأظهر التقرير السنوي الرابع عشر الصادر عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان” لعام 2021، أن 59% من السفراء تجاوزوا المدة القانونية المسموح بها للبقاء في مناصبهم، في مخالفة لقانون السلك الدبلوماسي الذي ينص على 4 أعوام، مع إمكانية التجديد لسنة واحدة فقط في الدولة ذاتها.
ورصد التقرير أن 40% من قرارات تعيين السفراء نشرت في صحيفة “الوقائع”، في حين لم ينشر 60% من القرارات.
ومن أبرز الفضائح المستشرية في السلك الدبلوماسي، ما قاله الناشط في مكافحة الفساد فايز السويطي عن نظام التعيينات الذي يقتصر على “عظام الرقبة”؛ أي المقربين من السلطة ورئيسها والمتنفذين فيها.
وأكد السويطي، لمعد التحقيق، أن تمثيليات السلطة الدبلوماسية لا تقوم بواجبها الملقى على عاتقها “فلو فعلت ذلك لما رأينا حجم الهرولة إلى التطبيع مع الاحتلال”، متسائًلا: “ما الدور الذي تقوم بها سفاراتنا في الخارج؟، ليجيب نفسه: هم لاهون بإقامة مشاريع خاصة تدر عليهم الدخل”.
وعدّ تعيين رولا محيسن؛ ابنة القيادي الفتحاوي الراحل جمال محيسن، سفيرة للسلطة في السويد، وتوريث صلاح الزواوي ابنته سلام السفارة الفلسطينية في إيران بداية العام الماضي، أحد أبرز أشكال الفساد.
وأكد أن التعيين في سفارات السلطة لا يتم وفق الأصول، ففي حال الإعلان عن وظائف يُختار الموالين للسلطة، مشيرًا إلى أن تعيين وزير الخارجية العاملين في هذا المجال ملفت للانتباه.
وقال السويطي: إن تعطيل عباس عمل المجلس التشريعي نهاية عام 2018 ساهم في تغول ممثليات السلطة في أماكن وجودها، وتشجيع العاملين فيها على الغرق بمشاريعهم الخاصة.
وشهدت نهاية عام 2009 صدمة في الأوساط الفلسطينية والدولية، عندما أقدم دبلوماسي يعمل بسفارة السلطة في جنيف بسحب تقرير المحقق الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون، قبل التصويت عليه بأيام، من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفق ناشطة حقوقية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *