fbpx
Sun. Apr 28th, 2024

استيقظ، انها الحرب

في السادس عشر من يوليو، استيقظ المدنيون في غزة على دوي انفجارات في مناطق مختلفة من القطاع. سيناريو متكرر من الاعتداءات والهجمات اللاإنسانية  والهمجية التي يواجهها السكان في قطاع غزة.

تم الهجوم على قطاع غزة بما يقارب 15 قذيفة جوية في أقل من ساعتين. قام السلاج الجوي باستهداف موقعين للمقاومة في مدينتي غزة والنصيرات، وهما مدينتين مكتظتان جداً بالسكان، ومن الجدير بالذكر، أن قطاع غزة يعد من أعلى المناطق السكانية كثافة. لا سيما في ظل تقييد حركة الانشاءات وعدم توفر المواد الأولية لبناء المدن السكنية أو حتى ترميم ما دمره العدوان الاخير وسابقه على غزة. لذا، تكتظ المدن بالسكان الذين يتأثرون تأثراً مباشراً إما بشظايا القصف أو بصوته المروع أو بشكله المفجع.

لا زلت غير قادرة على تحليل رد الفعل الذي أصدرها عقلي على الموقف، بعد القذيفة الرابعة واهتزاز سريري بشدة، استيقظت وذهبت مهرولة إلى غرفة أمي وكأن ذهابي الى جانبها سيحميني من الصاروخ القادم في أي لحظة.

بدأنا فوراً (وأجزم أن غالبية المدنيين تصرفوا بنفس الطريقة) بتطبيق تعليمات السلامة الأساسية التي أصبحت عادةً في كل هجمة أو عدوان.

فتح نوافذ المنزل، تجهيز حقيبة تحوي الوثائق الرسمية والأجهزة الالكترونية المهمة في حال اضطرارنا لإخلاء المنزل، الجلوس في غرفة قليلة النوافذ والأبواب وترتيل الكثير من الصلوات والأماني حتى الصباح.

الجدير بالذكر، أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أوضح من خلال مسح تم على عينة متكونة من أكثر من 300 طفل من سكان القطاع أن 96% من الأطفال يعانون من اضطرابات النوم و87% يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة وتغيرات في الشهية  جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على القطاع. 

كنت في حربي الأولى طفلة بعمر الست سنوات، يصغرني أخي بثلاث سنوات. كنت أسرع لإحتضانه كلما هرول مذعوراً من صوت القصف العنيف. ما زال أخي حتى اليوم يعاني من عدم التركيز واضطراب القلق. أذكر بوضوح رؤيتي لخيالات لا زال طيفها يلاحقني حتى اليوم، خيالات لأجسام لا زلت اجهلها و أصوات كان من الصعب على عقلي الطفولي استيعاب ما تحمله من حقيقة مرعبة.

في كل حرب أو عدوان أو هجمة أو اجتياح، أو حتى في أيام حياتنا الشبه عادية، أشعر وكأنني ميتة مع وقف التنفيذ. أكون مدركة تماماً أن الموت أقرب مما يمكن تخيله، تأقلمت معه حتى أصبح رفيقاً دائماً أراه في نظرات أمي، وابتهالات أبي، أراه في المباني المدمرة، والأجساد المفقودة، وأوقات السعادة التي نحرم منها مراراً وتكراراً في وطني.