“مارك”، وجي بي يو”.. قنابل “فراغية” و”حرارية” أمريكية الصنع تحتوي على شحنات شديدة الانفجار تصل حرارتها إلى آلاف الدرجات المئوية، استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قتل المواطنين الفلسطينيبن في قطاع غزة، خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع.
تلك الأسلحة الفتاكة والمحظورة دوليًا تخترق أجساد الشهداء وتنفجر داخلها، مما يؤدي إلى تبخرها وتحولها إلى ذرات صغيرة لا تُرى بالعين المجردة وتختلط بالغبار والرمال، فضلًا عن تدمير المباني السكنية بشكل كامل، حتى لا يبقى لها أي أثر.
7820 جثمانًا لم تُسجل بياناتهم لدى وزارة الصحة في غزة كونها لم تصل للمستشفيات، بسبب تبخرها، وإذابتها بفعل صواريخ الاحتلال وقنابله التي تبعث منها وقت الانفجار درجة حرارة تتراوح ما بين 7 آلاف إلى 9 آلاف درجة مئوية. وفق الدفاع المدني بغزة.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رصد في تقرير له، عدة حالات لضحايا استشهدوا في غارات إسرائيلية مدمّرة على مبان سكنية، ولدى محاولة انتشال جثثهم اتّضح اختفاء بعضهم أو احتمال تحولهم إلى رماد، وهو ما يثير علامات استفهام بشأن ماهيّة القنابل المستخدمة في هذه الهجمات.
وتُثير هذه الحالات، وفقًا للمرصد، مخاوف من احتمال استخدام جيش الاحتلال “أسلحة حرارية”، أو ما يعرف باسم “القنابل الفراغية”، والتي تشتهر في المجال العسكري بفاعليتها في تدمير الكهوف ومجمّعات الأنفاق الأرضية.
تتحول لرماد
ومن بين القصص المروعة، ما حصل لعائلة المواطن أحمد عمر، التي استشهد 15 شخصًا منها، في قصف إسرائيلي على منزلهم في مدينة غزة بتاريخ 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولم يتمكن أحد من العثور على أي أثر لأجساد ثلاثة شهداء كانوا داخل المنزل لحظة الفصف.
وتعتبر هذه القنابل محظورة الاستخدام ضدّ المدنيين في المناطق المدنية المأهولة، بحسب القانون الدولي الإنساني ووفقًا لاتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف، ويعد استخدامها جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” صلاح عبد العاطي يقول إن “إسرائيل” ألقت على قطاع غزة ما يزيد عن 100 ألف طن من المتفجرات، واستخدمت أسلحة محرمة دوليًا.
ويضيف عبد العاطي، في حديث لوكالة “صفا”، أن معظم هذه الأسلحة ممنوع استخدامها وسط المدنيين، وقوات الاحتلال لم تُراعي مبدأ التناسب ولا الضرورة ولا مبادئ إنسانية ولا مبادئ التمييز بين المدنيين وغيرهم، والأعيان المدنية.
وفي الآونة الأخيرة، استخدمت قوات الاحتلال أسلحة شديدة الحرق والتفجير والتدمير في مجموعة من الاستهدافات في القطاع، أدى عدد منها لإحراق جثامين الشهداء، وصولًا إلى تبخرها وعدم إيجاد أي آثار لهذه الجثامين.
ويرى أن تبخر أجساد الشهداء تمثل ترسيخًا لجريمة الإبادة الجماعية، مما يتطلب من لجنة تقصي الحقائق الدولية فتح تحقيق جاد في هذه القضية.
ويؤكد أن هذه الجريمة تتطلب أيضًا من محكمة الجنايات الدولية مُسائلة “إسرائيل” وشركائها موردي هذه الأسلحة إليها كشركاء في جريمة الإبادة الجماعية.
ويحذر عبد العاطي العالم من مغبة الصمت على استخدام الاحتلال المريع لكل أنواع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والارتجاجية والانشطارية والفسفور الأبيض، والأسلحة المجنحة، والصواريخ شديدة التدمير والحرق للمدنيين.
ويطالب بضرورة احترام تدابير محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأيضًا قرار محكمة الجنايات الدولية.
أسلحة محظورة
وهذه جرائم حرب تتعارض تمامًا مع اتفاقية جنيف لحماية المدنيين ومع أحكام اتفاقيات لاهاي، التي تُحدد طرق وأساليب القتال المشروعة وغير المشروعة. يقول عبد العاطي
ويضيف أن هذه أساليب قتال وأسلحة محرمة دوليًا ومحظورة بموجب اتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف، وبالتالي هذه جرائم حرب ينبغي التحقيق فيها ومحاسبة مقترفيها.
ويوضح أن هناك مذكرات اعتقال من المتوقع أن تصدرها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين آخرين، إلى جانب نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت.
ويتابع أن الأمر سيتسع أيضًا ليطال حتى مصدري هذه الأنواع من الأسلحة ومصنعيها، والذين استخدموها في الأراضي الفلسطينية، لذلك هذه عملية طويلة تأخذ وقت.
وحسب عبد العاطي، فإن هناك ضغوط تُمارس من الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” ومن حلفائهم في الدول الأوروبية ذات الخلفية الاستعمارية، الذين يضربون بعرض الحائط كل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحتى تدابير محكمة الجنايات الدولية، وعزاؤنا أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وينبغي محاسبة مقترفيها الشركاء فيها.
وفي العاشر من أيلول/سبتمبر الماضي، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة بشعة، بعد استهدافه منطقة المواصي في خان يونس جنوبي القطاع، ما أسفر عن استشهاد 40 مواطنًا، تبخرت جثامين بعضهم وأصبحت أثرًا بعد عين.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن النازحين الذين كانوا في عين القصف الإسرائيلي على منطقة المواصي المصنفة “آمنة”، “تبخرت جثامينهم وأصبحت أثرًا بعد عين”.
وأضاف “لم نجد أي أثر لهذه الجثامين التي ذابت بفعل القصف والانفجارات الثلاثة التي خلفتها هذه القنابل العملاقة”.
وفي مجزرة مدرسة التابعين بحي الدرج التي ارتكبها جيش الاحتلال في 11 آب/أغسطس الماضي، استخدم خلالها ثلاثة صواريخ أمريكية فتاكة من نوع “MK-84″، أو “مارك 84″، تزن أكثر من ألفي رطل، وتصل حرارتها إلى 7 آلاف درجة، ما أدى إلى تفحم الجثامين وتفتتها وتغير ملامحها وتهشمها.
وقال مدير وزارة الصحة في غزة منير البرش إن الاحتلال يستخدم أسلحة محرمة دوليًا، وهناك شهادات لتبخر بعض الجثث.
وأوضح أن هناك أنواع من الحروق لم نشهدها من قبل، لافتًا إلى أن هناك من بين الشهداء من هُشمت وجوههم وأقفاصهم الصدرية.
وزارة الصحة ومؤسسات حقوقية طالبت بتشكيل لجنة تحقيق دولية في استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا في حربها على قطاع غزة، تُؤدي لتبخر أجساد الشهداء.