
عامٌ دراسيٌ ثانٍ يُعلن طي كتبه دون التحاق طلبة الثانوية العامة في قطاع غزة بركبه، بسبب استمرار حرب الإبادة الإسرائيلي على القطاع منذ 20 شهرًا.
بدأت مرحلة الحصاد وطلاب غزة يتيهون بين مسؤوليات هبطت على أكتافهم، ولم يعد الكتاب جليسهم، بل أصبحت طوابير الحصول على الحياة معركة كبرى الفائز فيها من يُومن احتياجات عائلته، وسط حرمان وجوع وعذابات لا نهاية لها.
في غزة حيث الاستثناءات تسير دون قواعد منذ قرابة العامين، حيث أصبح التعليم أحد أكبر القطاعات تضررًا، وخاصة طلبة التوجيهي، الذين رسخوا أحلامهم على نتائج هذه المرحلة وباتت صعبة المنال، لا وسيلة لتحقيقها سوى انتهاء هذه الحرب اللعينة.
وصباح السبت، انطلقت امتحانات الثانوية العامة في الضفة الغربية المحتلة، وسط حرمان طلبة قطاع غزة من أدائها للعام الثاني على التوالي.
وتوجه نحو 46 ألفًا من الطلبة في الضفة، ونحو ألفين من طلبة قطاع غزة الموجودين خارج فلسطين إلى قاعات الامتحانات.
ويتوزع الطلبة على الفروع كالآتي: 28 ألفًا في الفرع الأدبي، و14 ألفًا في الفرع العلمي، وما تبقى على الفروع الأخرى.
هواجس الخوف والقلق، خشيةً من ضياع مستقبلهم كانت وما زالت تؤرق فكْر طلبة التوجيهي، وخاصة مع انطلاق امتحانات الثانوية العامة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين أمس السبت، دون غزة.
حلم صعب المنال
الطالبة نور أبو وردة تجلس على مقعدها في غرفة بيتها المتآكلة جدرانه، بسبب قصف استهدف منزل جيرانهم، تبكي حالٌ أضحت فريسته بعد 12 عامًا من الجد والمثابرة، لينتهي بها الحال تزيح الغبرة عن تلك الكتب التي امتلأت بركام الحرب الإسرائيلية.
تقول أبو وردة لوكالة “صفا”: “كنا نأمل بشدة أن تنتهي الحرب ونكون على مقاعد الاختبار، مثل طلبة الضفة، إلا أن الواقع حكم علينا كما دفعة 2007”.
وتضيف “لقد أضحى حلم الالتحاق بأحد التخصصات الطبية صعب المنال، نحن الآن نشعر بالضياع في ظل الوضع الراهن، مع عدم وجود حلول تلوح بالأفق”.
وتتابع “لقد كان دخول الهدنة السابقة حيز التنفيذ دافع لنا في دفعة 2006، للالتحاق بالمراكز التعليمية وشراء بعض الملازم والكراسات الدراسية، إلا أن عودة الحرب والتصعيد في جباليا حال دون الاستمرار في ذلك”.
ولم تعد أبو وردة تمتلك ذلك الشغف للخوض في غمار الدراسة مرة أخرى، بعد أن فقدت عدد من زميلات الدراسة والتعليم.
مصير مجهول
ولا يختلف حال الطالبة دعاء نصر عن سابقتها، فهي لم تترك كتبها حتى عند نزوحها إلى غربي مدينة غزة، على أمل أن يحذو بداخلها الدخول إلى قاعة الامتحان، كي تحصد تعب سنوات دراستها.
تقول نصر لوكالة “صفا”: “كنت أشعر بالقلق لأن يؤول مصيرنا كما مصير الدفعة السابقة، وأدعو ليل نهار أن لا يأتي هذا اليوم، دون أن أكون داخل قاعات الامتحان كطلبة الضفة الغربية”.
وتضيف”في العام الماضي حرّمت الحرب طلبة التوجيهي بغزة من تقديم الامتحانات، وها نحن اليوم نسير على ذات الطريق، ونحرم قسرًا من تقديمها للعام الثاني على التوالي”.
وتتساءل عن السبب وراء حرمانهم من حقهم في تقديم الامتحان كطلبة نظاميين.
وتشعر نصر بإحباط شديد، قائلة: “حلمي توقف مع بداية الحرب.. هل سأتمكن يومًا ما من إدراك هذا القصور وتقديم الامتحان؟”.