fbpx

تضيء الأنوار في سماء غزة الآن، ليست ألعابًا نارية، ولا فوانيس احتفالية، إنها إشارة جولة جديدة من التصعيد على شعب أنهكته ذكرى الموت الحاضرة في أوقات فرحته وعبادته وطقوسه الاحتفالية، شعب ذاق ويلات الحصار والفقر والدمار التي لا زالت تغتال جسده المتهالك وتجتث ما بقي من وقته وتجهز على روحه.

بدأت قوات الكيان الصهيوني بالهجوم على المعتكفين والمعتكفات في ساحات المسجد الأقصى هذه الليلة، وفتحت عليهم أسلحتها من رصاص مطاط وقنابل صوتية ومسيلة للدموع أدت لحريق في المصلى القبلي، وسقوط عشرات من المصابين ومنع طواقم الإسعافات الأولية من الدخول للمسجد لإنقائهم، في صورة بربرية همجية بشعة تجسد حقارة ووضاعة هذا العدو الغاشم الذي لا يعترف بقانون دولي ولا أي قيم إنسانية.

كشعب واحد، لا يمكن أن يئن إخواننا في القدس دون استجابة، كل مواطن فينا بقطاع غزة يردد بقلب غاضب لا يخلو من الحزن الجاثم على قلوبنا منذ أيام النكبة الفلسطينية وما سبقها من مذابح، نحن كلنا فداء للأقصى وإخواننا في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، نرتقب بخوف من الموت ورغبة في الانتقام الثأر لأقصانا وإخواننا في الشق الآخر من الوطن، لا أدري كيف يجتمعان في قلب واحد، ولكننا اعتدنا التناقض في كل شيء، اليوم عرس وغدًا عزاء لأن العريس استشهد في الليلة التي تلي يوم زفافه، اليوم استشهاد أحدهم وغدا تنجب زوجته ولدًا تعطيه اسم ابيه،، هكذا نعيش السعادة والحزن والأمل واليأس، في وقت واحد، جعلنا كل ذلك أكثر قوة في مواجهة أشد الصعاب ظلامًا وقسوة.

أطلقت غزة رشقة صاروخية باتجاه الأراضي المحتلة، لتصطدم بالقبة الحديدة معلنة رد غزة على تجاوزات الصهاينة، وضعف الرد في وجه القوة العسكرية الإسرائيلية المسلحة، وتحوّلت لحظات الفجر التي نجتمع فيها لتناول السحور، وتبادل الحديث، وبداية يوم جديد، إلى جلسة لسماع الأخبار والتنبؤ بفترة التصعيد، وهل ستتحول لحرب طويلة الأجل، أم ستنتهي اليوم، نحن بين رجاء وغضب نريد حياة سالمة ونرغب في الثأر واستعادة حقوقنا التي سلبت منا منذ وعد بلفور وما زالت حتى الان تستباح.

رمضان مشوب بالمخاوف قبل بدايته، فقد شهد رمضان قبل عامين حرباً قاسية استمرت احدى عشر يومًا لم يذق فلسطيني فيها طعمًا للراحة والفرحة انتهت بعد عيد الفطر الذي نسميه عادةً عيد الفطر السعيد، كان عيدًا موشحًا بالموت، والفقد والدمار، ما زالت ذكراه المرعبة تطاردنا في كل رمضان من كل عام.

كنت أتمنى أن أكتب مقالي هذا عن طقوس التحضير لعيد الفطر، لعاداتنا الجميلة التي تزيد شعبنا صمودًا وتماسكًا، عن مظاهر البهجة التي تزين الشوارع وتضيء البنايات وتتباهى بأجمل حلة حين يأتي المساء وتظهر الأنوار الملونة في كل مكان، لكني الآن مع صوت الطائرات الذي يقض مضجعي أصبحت أرى مشهد الحرب في كل نور ساطع كانفجار يغتال سعادتنا، ومع كل صوت مرتفع، أسمع صرخات الأطفال والنساء رعبا من ضجيج الانفجارات.

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *