Search

كيف وظفت “إسرائيل” الذكاء الاصطناعي في حربها على غزة؟

لم يترك جيش الاحتلال الإسرائيلي أي وسيلة أو أداة إلا واستخدمها خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على قطاع غزة منذ 15 شهرًا، بهدف قتل الفلسطينيين بشكل متعمد، وارتكاب المجازر المروعة بحقهم.

تقنيات الذكاء الإصطناعي إحدى الوسائل التي وظّفها جيش الاحتلال في حربه على القطاع، من خلال تصنيف وتحليل كميات ضخمة من البيانات الاستخباراتية لتقديم توصيات حول الأهداف المحتملة، بالإضافة إلى تطبيق يُستخدم لتوجيه الضربات من خلال توفير أهداف مستهدفة لقوات الجيش بشكل مباشر.

ومن خلال هذه التقنيات الرقمية، اعتمد الاحتلال على قاعدة معلومات استخبارية يتم تحليلها باستخدام صور الأقمار الصناعية وبيانات الاتصال.

وحددت “إسرائيل” في حربها على القطاع عدة أهداف، بدأت بتنفيذها في ظل الحملة الجوية المكثفة للطيران الحربي والمسيّر، عبر استخدام أداة “هبسورا” المعقدة، والتي تعتمد على تحليل البيانات بسرعة هائلة لتوليد مئات الأهداف الجديدة، مما يسمح لقوات الاحتلال مواصلة حملتها العسكرية بوتيرة متصاعدة.

“وهبسورا” عبارة عن نظام متكامل يدمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب العمل العسكري، فيما يُعرف “بمصنع الذكاء الإصطناعي”، ويمكنه أن يُولد بسرعة مئات الأهداف الإضافية.

أهداف عشوائية

المختص في الإعلام الاجتماعي والتقنية سائد حسونة يرى أن استخدام “إسرائيل” لتقنيات الذكاء الاصطناعي يعني توظيف تقنيات متطورة لتحليل البيانات الضخمة وجمع المعلومات الاستخبارية بسرعة فائقة لتحديد الأهداف العسكرية والمدنية.

ويقول حسونة، في حديث لوكالة “صفا”: إن “هذا يشمل استخدام خوارزميات التعرف على الأنماط، لأجل تحليل صور الأقمار الصناعية، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى تتبع الأشخاص عبر بيانات الاتصالات”.

والهدف الرئيس، وفقًا لحسونة، يُكمن في تعزيز سرعة القرارات العسكرية بدقة مزعومة، لكن النتيجة في الواقع تؤدي إلى تصعيد الأخطاء البشرية وتحويل المدنيين إلى أهداف عشوائية.

ويوضح أن الأهداف الإسرائيلية في غزة كانت دائمًا تتمحور حول تدمير البنية التحتية وقتل الروح المعنوية للشعب الفلسطيني.

ويشير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس ضرورة عسكرية، بل أداة لإظهار تفوق تقني، ولتقليل الانتقادات الدولية عن استهداف المدنيين عبر الادعاء بالدقة.

والحقيقة، كما يبين حسونة، أن الاحتلال يعرف طبيعة الأهداف في غزة، دون الحاجة لهذه التقنيات، لكنه يبرر هجماته العشوائية والواسعة تحت غطاء “الذكاء الاصطناعي”.

خسائر مضاعفة

و”استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب يفتح الباب لسباق تسلح تقني خطير، إذ تعتمد الدول على الآلات لاتخاذ قرارات قد تكون مميتة للبشرية”. يرى حسونة

ويضيف أن “هذا الأمر يعني تقليل الدور الإنساني في الحرب وزيادة الأتمتة، مما يجعل الحروب أكثر عنفًا وأقل خضوعًا للمساءلة”.

ويتوقع أن يشهد المستقبل أنظمة قتالية مستقلة تُطلق النار أو تُحدد الأهداف دون تدخل بشري، وهو ما يُعد تهديدًا حقيقيًا للأمن الإنساني.

وحول إمكانية إلغاء الذكاء الإصطناعي للعنصر البشري في الحروب، بين حسونة أنه لن يُلغى العنصر البشري تمامًا، لكن دوره سيتحول من تنفيذ العمليات إلى مراقبة وتوجيه الأنظمة الذكية.

ويحذر خبير الأنظمة التقنية من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى قرارات خاطئة أو غير أخلاقية بسبب الاعتماد على الخوارزميات التي لا تفهم تعقيدات المواقف الإنسانية.

ويشدد على أن ما يثير القلق هو أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تُستخدم لتقليل التكاليف البشرية من جهة المعتدي، بينما تُضاعف الخسائر البشرية على الجانب المستهدف.

وعلى مدى سنوات، حولت “إسرائيل” وحدة الاستخبارات العسكرية التابعة لها إلى ساحة اختبار لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وفق تقرير أصدرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مؤخرًا

وحسب التقرير، فإن “هذه التطورات برزت في حرب الابادة الجماعية على غزة، إذ تستهدف قوات الاحتلال التكنولوجيا المتطورة في استهداف البنية التحتية لحركة حماس”.

وخلص إلى أن الحرب على غزة تعتبر أول اختبار كبير لتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي المتقدمة في ساحة المعركة، مما يشكل سابقة لمستقبل الحروب العالم.

من جانبها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، سابقًا: إن “جيش الاحتلال يستخدم في أعماله بغزة، أربع أدوات رقمية بغية تقدير عدد المدنيين في منطقة ما قبل الهجوم، وإخطار الجنود بموعد الهجوم، وتحديد ما إذا كان شخص ما مدنيًا أم مقاتلًا”.

ورأت أن الأدوات الرقمية “تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني”.

وقال الباحث الأول في مجال المراقبة بالمنظمة زاك كامبل إن “جيش الاحتلال يستخدم بيانات غير كاملة وحسابات معيبة وأدوات غير مناسبة للمساعدة في اتخاذ قرارات مصيرية تنطوي على حياة أو موت في غزة، ما قد يزيد من الضرر اللاحق بالمدنيين”.

وأضاف أن “المشاكل الكامنة في تصميم واستخدام هذه الأدوات تعني أنه، وبدلًا من تقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، قد يؤدي استخدام هذه الأدوات إلى مقتل وإصابة المدنيين بشكل غير قانوني”.

More Post's