Search

طلبة التوجيهي بغزة يخوضون معركة فاصلة للحاق بركب المتنافسين

معركة فاصلة يخوض غمارها طلبة الثانوية العامة “التوجيهي” شمالي قطاع غزة، يُجابهون خلالها تكالب الأزمات وانعدام فرص الحياة، من أجل النهوض من بين نيران الحرب الإسرائيلية المستمرة، بهدف الانتصار في معركة صمودهم، وحصد درجات عالية.

في إحدى زوايا غرفة الصف التي لجأو إليها عقب تسوية منزلهم في الأرض، وعلى طاولة دراسية، يسطع نور الأمل متمسكًا بآخر بصيص يُوصله إلى عتبة السلم في حياته الجامعية.

ساعاتٌ قليلة تلك التي يسرقها الطالب في الثانوية العامة حمزة الزين، كي يحظى بجلسة مع رزمه التعليمية، حتى يتمكن من مذاكرة دروسه، لأنه لم يتبق سوى أيام قليلة، على خوضه لامتحانات الثانوية العامة التي لم يلتحق بها العام الماضي.

علامات خوفٍ وقلق بدت جلية في عيون الطالب الزين، الذي رسم مستقبله بيده، وسعى لتحقيقه بكل ما يستطيع، إلا أن دخول الحرب عامها الثاني هدمت آمال وأحلام ترقب بصيص أمل من تحت الركام.

معاناة متفاقمة

يقول الطالب الزين في حديث لوكالة “صفا”: “لم تسنح لي الفرصة بالالتحاق في برنامج التربية والتعليم لتقديم امتحانات التوجيهي لمن أنهى الصف الحادي عشر، قبل بدء الحرب سوى من فترة قريبة”.

ويضيف “أكثر ما يثير خوفي وقلقي عدم قدرتي على اجتياز الامتحانات في موعدها المقرر، وبالتالي هدم أحلام وعدت أبي بتحقيقها ونيلها خاصة أني وحيده”.

معاناة تفاقمت مع عدم توفر المراكز التعليمية ودروس التقوية، لعدم وجود معلمين ذوو خبرة في شمالي القطاع.

ويوضح أن المشكلة الرئيسة تُكمن بأن طلبة التوجيهي في محافظة الشمال يعتمدون في دراستهم على مجهودهم الشخصي دون متابعة من معلمين، فضلًا عن عدم وجود مبادرات كما في جنوبي القطاع.

ويتابع “كل دراستي وجميع طلبة التوجيهي في شمالي القطاع تعتمد على توفر الإنترنت الذي يصعب الحصول عليه بشكل مستمر، الأمر الذي يضطرنا للسير مسافات طويلة، كي نحظى بكافي شوب لديه سرعة إنترنت عالية من أجل تحميل الفيديوهات والرزم التعليمية”.

مجاهدة من نوع مختلف، يسعى خلالها الطلبة وذويهم لتهيئة الظروف الراهنة وتعبيدها بقدر الإمكان، بهدف خدمة الطالب وإعانته على الدراسة، لكن هناك ما لا يمكن السيطرة عليه وإسكاته مثل ضجيج الطائرات الحربية والمسيّرات الإسرائيلية وتحليقها المستمر على ارتفاعات منخفضة.

عقبات الدراسة

يقول الطالب الزين: “عندما تكون منهمكًا بالدراسة وتحاول أن تتناسى صوت الطيران الذي ينخر الرأس ويأكل خلايا الدماغ، ويقع حدث ما في مكان نزوحك، مثل شهيد قادم، أو إلقاء قنبلة على مجموعة مواطنين، أو نزوح الناس، وقتها تكون في صراع تسأل نفسك كيف ستنجو؟، وماذا ستأخذ معك؟”.

ويشير إلى أنه يطلب المساعدة من طلبة أنهوا مرحلة التوجيهي خلال فترة الانتظام في المدرسة قبل الحرب، كما أنه يستعير بعض الرزم ومقايضتها بأخرى متوفرة لديه مع طالب آخر.

ويحاول الطالب قدر استطاعته إنهاء أعماله لوالده ووالدته وتوفير احتياجاتهم اليومية في أسرع وقت ممكن، كي يُكمل دروسه وينجز ما عليه لأجل إدراك الوقت قبيل بدء الامتحانات.

حال حمزة لا يختلف كثيرًا عن باقي طلبة التوجيهي في شمالي القطاع، الذين ينتظرون بفارغ الصبر إعلان انتهاء العملية العسكرية المستمرة منذ 81 يومًا، آملين بأن يحظون بوقت دون ضجيج أو أصوات تُعكر صفو تركيزهم.

معاناة الحرب

الطالبة سجود النجار تتحدث لوكالة “صفا”، عن المعاناة التي تعيشها خلال سرقتها بعض الوقت من أجل استكمال دروسها على انفراد دون تعكير صفو لقائهم.

وتحاول سجود الهروب من ضجيج مراكز النزوح إلى بقايا منزلها المدمر، كي تحظى بساعات دون صخب النزوح ومراكز الإيواء.

وتصف النجار حالها، قائلة: “خاطرت بحياتي وحياة عائلتي كلها وتركنا مركز الإيواء في مجازفة لا تهدأ خلالها الطائرات عن استهداف كل متحرك في مناطق صنفها الاحتلال حمراء”.

وتضيف “أحاول جاهدة استيعاب المخصصات التعليمية بمفردي، إلا أن هناك مواد أحتاج فيها مساعدة غيري كاللغة الإنجليزية والرياضيات، لكن والدتي تُحاول مساعدتي قدر استطاعتها”.

وتشكو النجار من ارتفاع ثمن الرزم التعليمية والملخصات والقرطاسية، وصعوبة الحصول عليها، في ظل ما تعانيه جباليا من هجمة إسرائيلبة شرسة، عدا عن حاجتها الملحة لشحن هاتفها وهاتف والدتها، بهدف متابعة الشروحات التعليمية.

وتتابع “أحاول التواصل مع طلبة في جنوبي القطاع ملتحقين بالفصول الافتراضية والخيم التعليمية والحصول على بعض الشروحات المتوفرة لديهم”.

وكانت وزارة التربية والتعليم العالي أعلنت عن انطلاق برنامج الثانوية العامة/ الدورة الثالثة لطلبة غزة المتواجدين في الخارج، والذين من المقرر أن تنطلق امتحاناتهم بتاريخ 25/ 1/ 2025 حتى تاريخ 5 /2 /2025، إذ التحق بها قرابة 523 طالبًا وطالبة موزعين على 22 دولة جلهم في جمهوية مصر العربية.

كما أعلنت عن فتح باب التسجيل لطلاب القطاع الذين اضطروا لتأجيل تقديم امتحانات التوجيهي، بسبب حرب الإبادة الجماعية، والذين يبلغ عددهم 35 ألف طالب وطالبة.

وقالت الوزارة في بيان لها، إن هذا الإعلان يخص الطلبة الذين أنهوا الصف الحادي عشر قبل الحرب، وكان من المفترض أن يتقدموا للثانوية العامة في العام 2023 /2024.

More Post's