تعيش العائلات النازحة في الخيام ظروفًا إنسانية صعبة، تتصاعد وتيرتها مع اهتراء الأقمشة وقطع النايلون التي تشابكت ببعض الخيوط، كي تقي قاطنيها حرارة الشمس وبرد الشتاء القارس.
وتتضاعف المأساة، في ظل واقع مرير فُرض على أُُناس أجبرتهم ظروف الحياة على التحاف مواصي البحر في خان يونس، كي تكون مأوى لهم، عوضًا عن منازلهم التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
حياة بائسة
تقول مرداي شحادة، النازحة من شمالي القطاع إلى جنوبه: “صارت الخيمة دارنا وغرفتنا ومطبخنا، وكل حياتنا انحسرت في قطعة قماش لا تقي حر الصيف، ولا برد الشتاء”.
وتضيف شحادة، في حديث لوكالة “صفا”، “تبدل حالنا لشي عمرنا ما تخيلناه، صارت قطعة قماش أو “شادر” مأوى لنا، بعد ما كنا عايشين في بيوت فيها كل معاني الراحة”.
وتتابع “لا يوجد حياة في الخيمة، لأنها في الصيف تكون مليئة بالحشرات ودرجة حرارتها تفوق الـ45 درجة مئوية، وكأنك تعيش في (ساونا)، الرجال بتقدر تهرب من هذا الوجع للأماكن العامة، أما نحن نبقى قاعدين فيها ومتحملين النار تأكل أجسادنا”.
“تخيلي أن تحصري بيتك كله في خيمة، تكون للراحة والأكل والشرب والطبخ، وقضاء خصوصيتك وكل ما تريده”. تقول شحادة
وبتنهيدة خرجت من أعماق قلبها، تضيف “لا يوجد أي كلام يعبر عما نعانيه في حياة النزوح، لأنه إلي عايش مش مثل إلي بتفرج، داخل الخيمة أنت التحفت الموت حتى تتستر من وجوه البشر”.
وتتابع “اجتمعت علينا كل أصناف الموت والعذاب والقهر خلال موجة المطر الفائتة، تبهدل حالنا وماتت أولادنا من البرد والسقعة التي أكلت عظامهم، وهذا كله سيؤثر على صحتهم ويعرضهم للمرض”.
وتشير إلى أن قدوم الأمطار أحيا في قلوبهم ذكريات مزقت أضلعهم، ففي مثل هذه الأوقات من كل عام كانت وأسرتها تلتحف منزلها تحت الأغطية أمام شاشة التلفاز يحاولون الاستمتاع بلحظات وصفتها “بالساحرة التي لن تعود أبدًا”.
ظروف قاسية
ولا يختلف حال النازحة في دير البلح رنا الشندغلي عن سابقتها، التي تعيش نفس الوجع والألم، بسبب النزوح والعيش في خيام لا تقيهم البرد القارس.
تقول لوكالة” صفا”: “لا توجد حياة بالخيام، والأوضاع هنا فوق الكارثية، ودخول فصل الشتاء هو هم آخر فوق هم الخيمة”.
وتضيف “البرد والسقعة أكلت عظام الصغار، وهتكت حياة الكبار وأصابتهم بالأمراض التي لا دواء لها”.
وبألم وحسرة على منزلها الذي دمره جيش الاحتلال، تتابع الشندغلي “حياتنا كلها انحصرت داخل هذه الخيمة، حتى قبل هدم بيتي كنت أحكي روحوني على جباليا وراضية أقعد فيها بدون أكل، لكن الآن البيت انهدم والذكريات التي تغلفه ذهبت في مهب الريح”.
وتردف “يجب علينا التأقلم على العيش في ظروف قاسية تحت الصفر، في ظل ما نعانيه من أزمات ونقص في الراحة والخصوصية البسيطة التي تحتاجها المرأة في حياتها”.
ولا تتجاوز مساحة الخيمة الـ30 مترًا، يتم فيها الطبخ والاستحمام والجلوس والنوم. وفق الشندغلي
وتكمل حديثها “امتنعنا عن بعض الزيارات العائلية في محاولة لتقليل الإحراج، لأن الخيمة مكان لا يصلح لاستقبال الضيوف”.
ويعيش مليونا نازح في خيام مصنوعة من القماش، أصبحت الآن غير صالحة للاستخدام، بفعل عوامل الزّمن والظّروف الجوية.
وتسبب الاحتلال، وفق المكتب الإعلامي الحكومي، بأزمةٍ إنسانيةٍ مأساويةٍ تُهدد بموت آلاف النازحين، بعد اهتراء 110,000 خيمة تزامنًا مع موجات الصقيع الشديدة، مطالبًا بتوفير الاحتياجات الأساسية فورًا.
وقال المكتب في بيان: “من جديد يتسبب الاحتلال بأزمة إنسانية مأساوية جديدة تُهدد بموت آلاف النازحين بعد اهتراء 81% من خيامهم، بالتزامن مع دخول فصل الشتاء وموجات الصقيع الشديدة، حيث يعيش النازحون ظروفًا قاسيةً.