في خضم العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ أكثر من عام، تسعى سلطات الاحتلال ومن خلال خطط محكمة لفرض سيطرتها السياسية والإدارية على الضفة الغربية المحتلة.
وجاء ذلك، بإعلان وزير مالية الاحتلال عن إغلاق وحدة الإدارة المدنية التابعة للاحتلال، من أجل فرض سيطرة شاملة على جميع مفاصل الحياة في الضفة، وتنفيذ مخطط الضم.
وعن ذلك، يقول الباحث بمركز “يبوس” للبحوث والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات إن “موضوع إغلاق الإدارة المدنية كان ضمن البرنامج الانتخابي لوزير مالية الاحتلال سموترتش، وأن الترويج لذلك البرنامج ليس بالأمر الجديد، ويأتي ضمن الصهيونية الدينية فيما يتعلق بحسم الصراع في الضفة بشكل أساس”.
ويوضح بشارات في حديث لـ”صفا” أن إغلاق الإدارة المدنية هي خطوة لتمهيد إعادة هيكلة شكل العلاقة لوجود واحتلال “إسرائيل” للضفة، بما معنى أن الإدارة المدنية كانت تعتبر سمة من سمات أو شكل من أشكال الإدارة العسكرية للضفة، لكن سموترتش يروج لكمالية الوجود الاستيطاني ، وأنه أصبح وجودا متكاملا وكبيرا يستحق أن يكون له قوانين مدنية وليست قوانين عسكرية.
ويلفت بشارات إلى أن القضية تتعلق بصفة الوجود الاستيطاني في الضفة، حتى لا يبقى وجودا ضمن كيان سياسي أو منطقة يطبق عليها القوانين العسكرية، التي هي ضمن قوانين الاحتلال السابقة، بل يريد تحويل البعد القانوني والقوانين التي تطبق على أنها قوانين إدارية تحت إطار دولة واحدة وهي دولة الاحتلال.
ويكشف الباحث عن خطوة إغلاق الإدارة المدنية والتي هي من أجل الشرعنة والتأطير، بحيث تزيل وتزيح صفة الاحتلال العسكري عن الضفة، وهذا يمنح الاحتلال صفة السيادة والهيمنة الشاملة على الضفة، ما يمكنه فيما بعد من الترويج للاستيطان أمام العالم، على أنه جزء من التمدد الطبيعي “للدولة” وليس استيطانا غير مشروع، ما يعني كسرا لمعادلة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، الذي ما زال ينظر إلى الضفة على أنها منطقة محتلة بالسيادة العسكرية الإسرائيلية، وهذه واحدة من القضايا المهمة في هذا الإطار.
وفي تعقيبه على الحراك الفلسطيني في التصدي لتلك الخطوة، يرى بشارات أن الحالة الفلسطينية تعاني الضعف، إلى جانب عدم القدرة على تقديم بدائل وسياسات تواجه السياسات الإسرائيلية، ما يعطي الاحتلال مساحة لفرد رؤيته بشكل أو بآخر.
بدوره، يقول المحلل السياسي نجيب مفارجه لـ”صفا” إن الإدارة المدنية التي أنشأت قبل 45 عاما، كانت ولا تزال هيئة حكم إسرائيلية أنشأتها الحكومة مرجعيتها لوزارة “الدفاع”، وشكلت الخلفية للحكم العسكري في الضفة.
ويضيف مفارجه أن سموترتش هو حاكم الإدارة المدنية، ومع قدوم اليمين بدء التلويح بضم الضفة، وهم يسابقون الزمن للضم من بواعث أيديلوجية محاولين استغلال قدوم ترامب، كما استغلوا إدارته الأولى في قضية نقل السفارة و”توحيد القدس”.
ويبين مفارجه أن وتيرة عمل الإدارة المدنية بدأ يرتفع في مناطق الضفة ويحل محل السلطة، حتى أصبح “المنسق” الحاكم شبه الفعلي للضفة، وهو رئيس بلدية الضفة الكبرى، على حساب وجود وقوة السلطة، في مقابل دور وظيفي أمني للسلطة باتجاه واحد.
ويتطرق إلى أن طموح اليمين الإسرائيلي هو بحصر السلطة في مناطق جغرافية معينة وضيقة على شكل كنتونات، بهدف تنفيذ خطة الضم.
ويرى مفارجه أن حل الإدارة المدنية يأتي في إطار التنصل من بعض الخدمات التي قد تقدمها على أنها سلطة الاحتلال، والسيطرة على الأرض، بحيث تصبح الضفة منطقة عشوائيات، بمعنى سلب الأرض والتخلي عن ساكنيها وعدم تقديم أي خدمة لهم.
ويقول مفارجه، إن ما يجري على الأرض يستدعي نهضة فلسطينية فاعلة من قبل السلطة وهيئاتها، سيما وأنها تتمتع باعترافا دوليا، وأن مشروع الإدارة المدنية يستهدف السلطة بشكل مباشر، في مقابل تقوية الإدارة المدنية.
ويؤكد أن خطوة الاحتلال هذه هي استهداف مباشر للسلطة وعلى حساب قوتها، في حال حل الإدارة المدنية هو تقويض لوجودها، ما يتطلب من السلطة العمل والنضال السياسي والذهاب باتجاه المحاكم الدولية والضغط السياسي والتواصل مع كل أصدقاء الشعب الفلسطيني وكل المجتمع الدولي للجم هذا المشروع.
وفيما يخص المقاومة، يقول مفارجة إن المقاومة في الضفة في حالة استنزاف مستمرة، ومطلوب من جميع أطياف الشعب الوقوف بشكل جدي لمنع مشروع الضم، ومنع مشروع عودة الإدارة المدنية وتهميش سكان الضفة.