fbpx

رُغم أن المسجد الأقصى المبارك يشكل محور الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ومُفجر الثورات والانتفاضات، إلا أن المتطرف إيتمار بن غفير المكلف بتولي وزارة الأمن الداخلي لم يتوانى عن تهديداته وعزمه العمل على تغيير الوضع القائم حاليًا بشأن صلاة المستوطنين في المسجد، مما ينذر بإشعال مواجهة عنيفة، ربما ستجر المنطقة لحرب دينية.

وتدل تصريحات بن غفير، قبل الانتخابات الإسرائيلية وفي الأيام الأخيرة، على أنه عازم على تنفيذ التغيير في الوضع القائم بالأقصى. بما يتمثل السماح لجماعات يهودية متطرفة بأداء صلوات في المسجد، وليس الاقتحامات الاستفزازية التي ينفذنها فقط

وفي عام 2020، رفض بنيامين نتنياهو كرئيس للحكومة الإسرائيلية، طلب بن غفير بالمصادقة على صلاة يهود في الأقصى، وعلى إثر ذلك قرر الأخير خوض انتخابات الكنيست في قائمة مستقلة، لم تتجاوز نسبة الحسم، ما أدى إلى خسارة معسكر نتنياهو نحو 20 ألف صوت.

إلا أن نتنياهو بات اليوم متعلقًا بالأحزاب في معسكره اليميني، ومن دون أي واحد منها لن يتمكن من تشكيل حكومة، بهدف محاولة النجاة من محاكمته بتهم فساد خطيرة. ويتوقع ألا يرفض مطالب بن غفير بتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى. وفق ما ذكرته صحيفة “هآرتس” العبرية يوم الاثنين.

ويرى مختصون في الِشأن المقدسي، بأن أي إجراءات أو مساس إسرائيلي بالمسجد الأقصى والوضع التاريخي والديني القائم فيه، خلال الفترة المقبلة، سيقابلها ردة فعل مقدسية وفلسطينية عارمة ستكون أشد وأعنف بكثير عن سابقاتها، وربما تشعل فتيل المنطقة.

تطرف وإجرام

المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يرى أن المرحلة القادمة ستكون الأكثر تطرفًا وإجرامًا وشراسة بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى من أي مرحلة مضت، وذلك بعد تشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، وتولي بن غفير حقيبة الأمن الداخلي.

ويقول الهدمي، في حديث لوكالة “صفا”، إن المرحلة القادمة ستكون عصيبة جدًا على مدينة القدس، وخاصة الأقصى، حيث سيحاول بن غفير تغيير الوضع القائم فيه، وأن يقتطع مزيدًا من الوقت لاقتحامات المتطرفين اليهود وأداء الصلاة داخله، وفرض مزيدًا من الصلوات والطقوس التلمودية.

ويضيف “ربما يلجأ بن غفير إلى تقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا، حسب أحلامه، وتكريس السيادة الاحتلالية على المدينة المقدسة، فهو شخصية متطرفة لا تختلف عن أي متطرف يهودي يريد قمع الشعب الفلسطيني والاعتداء على مقدساته”.

ويؤكد أن هناك تيار إسرائيلي متطرف يسعى لحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني في القدس والأقصى، وفرض سيادة الاحتلال بالمدينة.

وبحسب الهدمي، فإن “بن غفير لن يكون الشخصية الإسرائيلية التي تستطيع كسر إرادة الشعب الفلسطيني أو الاعتداء على مقدساته دون أي عقاب وردة فعل واسعة، فهو يلعب بالنار التي ستحرقه حتمًا، وستُثبت أن الاحتلال عاجز على تركيع أبناء شعبنا أو المساس بالمسجد الأقصى”.

مواجهة عنيفة

وهذه الاعتداءات والإجراءات-كما يتوقع الهدمي- تنذر حتمًا باندلاع مواجهة عنيفة ليس فقط في مدينة القدس، وإنما ستمتد إلى كامل أراضي فلسطين المحتلة، وربما تكون شبيهة بمعركة “سيف القدس” التي وقعت العام الماضي، وغيرت موازين وعناصر المواجهة، ودفعت الاحتلال للتراجع عن سياساته.

ويتابع “صحيح أن الاحتلال تمادي في اعتداءاته على أقصى، ويحاول التمادي أكثر خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكن ذلك سيكون سببًا في تفجر الموقف وحصول مواجهة عسكرية بين الشعب الفلسطيني والاحتلال”.

ويحذر الهدمي من تداعيات المرحلة المقبلة وخطورتها على القدس والأقصى، بالإضافة إلى طبيعة الواقع في الضفة الغربية المُهيأ للانفجار بأي لحظة.

ويضيف: “لا شك أن الاحتلال سيكون اكثر شراسة وإجرامًا من أي مرحلة مضت، لكن حالة التحدي التي نشأت بالقدس والداخل المحتل، وحالة الخروج على أوسلو وتبعاتها، وقوة المقاومة بغزة، التي فرضت نفسها بجدارة في معادلة الصراع، كلها عناصر ستجعل إجرام الاحتلال أسبابًا لخسارته، وربما في مراحل متقدمة لو تصاعدت لزواله”.

ويؤكد الناشط المقدسي أن “الشعب الفلسطيني الذي انتصر على من كانوا قدوة للمتطرف بن غفير وأمثاله، حتمًا سينتصر على هذا المتطرف في الوقت الحاضر”.

وقائع تهويدية

وأما الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب فيرى، أن تعهد بن غفير لتغيير الوضع التاريخي والديني والقانوني في المسجد الأقصى والسماح للمتطرفين بالصلاة علنًا داخل باحاته، يُعطي مؤشرات بأننا مقدمون على مرحلة أكثر سخونة واشتعالًا من ذي قبل، سيكون عنوانها مزيدًا من الاعتداءات والإجراءات بحق المسجد والمرابطين فيه.

ويقول أبو دياب لوكالة “ًصفا”: إن” عين بن غفير على المسجد الأقصى لفرض وقائع جديدة عليه، بما يؤدي لزيادة الضغط على المقدسيين والمرابطين والمصلين في المسجد، وأيضًا على دائرة الأوقاف الإسلامية، والتي يعتبرها جهة معادية ويريد إلغائها”.

ويضيف أن بن غفير يسعى لوضع إدارة شؤون الأقصى بيد “جماعات الهيكل” المتطرفة، لذلك سيحاول إلغاء وتقليص إدارة الأوقاف لشؤون المسجد، وسيعمل على فرض مزيد من الاقتحامات فيه، وأداء الطقوس والصلوات التلمودية داخله دون أي قيود، ومحاولة فرض وقائع تهويدية بالقوة على المسجد.

ويوضح أن بن غفير توعد الأوقاف والمرابطين بفتح أبواب أخرى غير باب المغاربة أمام المقتحمين اليهود، وكذلك زيادة ساعات الاقتحامات، في محاولة لاستنساخ ما جرى تمامًا بالمسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل داخل الأقصى، وربما إغلاقه في الأعياد اليهودية، بما يعني فرض التقسيم الزماني والمكاني.

لكنه يرى أن هذه الإجراءات سيقابلها ردة فعل مقدسية وفلسطينية عارمة ستكون أشد وأعنف بكثير عن سابقاتها، وربما ستشعل المنطقة، محذرًا من خطورة القادم وتداعياته.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *