fbpx

يصف القيادي البارز بالحركة الإسلامية الشمالية في الداخل الفلسطيني المحتل حامد إغبارية، المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، بأنها كانت إحدى أهم الوسائل التي استخدمتها المؤسسة الإسرائيلية لتحقيق السيطرة على فلسطينيي الداخل.

ومن المقرر أن تنطلق الثلاثاء القادم، انتخابات الكنيست الإسرائيلي الخامسة المبكرة، وسط تنافس كبير على الحسم بين حزب الليكود وحزب “هناك مستقبل” الإسرائيليين، فيما تشير استطلاعات إلى تراجع فلسطينيي الداخل عن المشاركة بالتصويت بهذه الانتخابات.

ويقول إغبارية في مقال له وصل وكالة “صفا”، أنه “من أجل تحقيق ذلك استخدمت قيادات المشروع الصهيوني التي أسست الكيان العناصر العربية التي تواطأت معها قبل النكبة وأثناءها وبعدها”.

ويعتبر أنه “ليس دقيقًا ما قاله ويقوله باحثون في هذه القضية، بأن الهدف من فتح الطريق إلى الكنيست أمام فلسطينيي الداخل، كان فقط لحصد أصوات الناخبين العرب لصالح أحزاب صهيونية، فهذا تفسير يتميز بالسذاجة السياسية والسطحية المفرطة”.

ويستدرك “بل كان تجنيد الأصوات أحد مظاهر المشهد، لكنّ الأهم والأخطر من هذا هو السعي إلى خلق عربي إسرائيلي، بكل ما في الكلمة من معنى”.

ويقصد إغبارية بـ “عربي إسرائيلي”، بإيجاد إنسان يفكر ويتصرف ويتعامل ويتحرك ويتعاطى مع كل شيء حوله بأدوات إسرائيلية داخل ملعب السياسة الإسرائيلية.

وكما يقول “أدركت المؤسسة الإسرائيلية أن تحقيق إنتاج هذا المخلوق المشوّه يحتاج إلى عقود، وإلى عمل متواصل من خلال خطط متعددة الاتجاهات والتخصصات لمسخ عقله وغسل دماغه وإعادة برمجته من جديد”.

لذلك لم تكتف بفتح أبواب الكنيست أمام جيل الكبار، وإنما عملت على صناعة أجيال جديدة من سن الصفر حتى المرحلة الثانوية، من خلال مناهج تعليم أعدت خصيصا لأسرلة الفرد الفلسطيني فِكريًّا طوال فترة وجوده في المراحل المدرسية.

وحسب إغبارية، فإن “إسرائيل” استخدمت وسائل إعلامها كوسيلة إضافية للتأثير المباشر على عقل الفرد الفلسطيني، وفتحت أمامه أبواب الثقافة اليهودية التي وضعتها في مقدمة ثقافات الأمم، وأوهمت الناس بأنها أفضل ما يمكن أن يصل إليها الجنس البشري.

وبرأيه، فإن المؤسسة الإسرائيلية أوهمت بأن الشخصيّة الإسرائيلية “اليهودية”، هي النموذج الإنساني الناجح الذي يُحتذى به في مختلف مجالات الحياة، ولذلك هي شخصية جديرة بالإعجاب والتقليد.

كما يقول “إنه وفي ذات الوقت عملت على شيطنة الشخصية الفلسطينية والعربية والمسلمة، وقدمتها -سواء من خلال منهاج التعليم أو الإعلام- بصورة سلبية منفّرة لا تستحق الاحترام ، ولا تشكل نموذجًا بشرياً إيجابياً يمكن الاقتداء به”.

ويعتبر إغبارية أنه ومن خلال هذا المشهد “تمكنت الماكنة الإسرائيلية من إقناع شرائح عريضة من أبناء الداخل الفلسطيني بأن المشروع الصهيوني إنما استردّ حقه في هذه البلاد وأخَذ ما هو تابع له تاريخيًا ودينيًا”.

ويصل إغبارية، يصل إلى نتيجة “بأن من بين ثنايا هذا المشهد وعبر العقود الماضية تشكلت أطر سياسية عربية بقياداتها وأفرادها، لكنها إسرائيلية الأدوات والسلوك والتفكير، لتخوض ملعب السياسة الإسرائيلي من ذات الباب الذي فتحته المؤسسة الإسرائيلية، وهو باب الكنيست”.

ما عجزت عنه وتوجهت إليه

ومن وجهة نظره، فإنه تلك الأطر لم تسع إلى تغيير اتجاه البوصلة، وإلى مراغمة المشروع الصهيوني، واسترداد الهوية وتصويب الانتماء لأبناء الداخل، وإنقاذ الأجيال من الأسرلة، ومن السقوط في مستنقع المشروع الصهيوني.

واتهم بعضها بأنها “اتجهت إلى الانصهار داخل البوتقة الإسرائيلية، وأصبح مجالها الوحيد هو اللعب داخل ملعب السياسة الإسرائيلية ومنافسة الحزب الشيوعي وبعده الجبهة، إلى جانب منافسة الأحزاب الصهيونية على الأصوات العربية التي ستوصلها بالضبط إلى حيث أراد أصحاب المشروع الصهيوني؛ إلى الكنيست”.

لذلك يصلح أن تطلق على هؤلاء جميعًا مصطلح “الظاهرة الصوتية”، وهو حسب إغبارية، ذات المعنى المزدوج؛ بمعنى أنه تنافس على الأصوات، واحتجاج صوتي من على منصة الكنيست.

كما يعتبر بأن “هذه الأطر السياسية الزاحفة إلى الكنيست قد ساهمت في تحويل قضية أهل الداخل الفلسطيني من قضية جزء من شعب وقع عليه ظلم تاريخي، نهبت أرضه وشرد من وطنه وأقيمت على أنقاضه دولة لشعب آخر، إلى قضية أقلية عددية تعاني من هضم حقوقها المدنية واحتياجاتها اليومية”.

كما يقول “فإن هذه الأقلية أصبحت تتعرض لمظاهر عنصرية من جانب الأغلبية اليهودية، بعد تحويلها لذلك، كما تعاني من الفقر ومستوى المعيشة المنخفض”.

يجب إسقاطه

ويستنكر إغبارية الوصول إلى نتيجة بأن “هذه كلها قضايا يمكن معالجتها، أو تسعى الأطر السياسية الزاحفة إلى الكنيست إلى معالجتها من خلال مؤسسات الدولة الإسرائيلية، بصفة أن هذه الأقلية مجرّد مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة مهضومي الحقوق فيها”.

ويكمل “أو بوضوح أكثر: أقليّة ظلمتها دولتها، وعلى هذه الدولة أن تتوقف عن ظلم مواطنيها وأن ترفعهم إلى مستوى الأغلبية”.

ويصف هذا “بأنه سلوك كارثي انتزعنا من المكان الذي يجب أن نكون فيه، وألقى بنا في مكان يجب ألا نكون فيه”.

من أجل ذلك فإن أسوأ خيار سار فيه مجتمع الداخل الفلسطيني هو خيار الكنيست الذي صوّرته أحزاب الكنيست الناطقة بالعربية أنه الوسيلة الوحيدة لإحقاق الحقوق، حتى الوطنية منها.

وبالنهاية، يطالب إغبارية بأن “هذا الخيار يجب إسقاطه تمامًا كخيار استراتيجي”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *